قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي في رثاء الشيخ الشهيد عمر المختار
للاعلان

مُدَوَّنَةُ الْمُهَنْدِسِ نَبِيلَ دَخِيلَ الْحَاسِّيِّ تُرَحِّبُ بِضُيُوفِهَا الْكِرَامِ اهلآ وسهلآ بِكَمْ جميعآ اتمنى لَكُمْ قَضَاءُ وَقْتِ مُمْتِعٍ

قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي في رثاء الشيخ الشهيد عمر المختار

قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي

في رثاء الشيخ الشهيد عمر المختار



رَكَـزُوا رُفـاتَكَ فـي الرّمـال لِـــــــــواءَ
يَســتنــهضُ الــوادي صبـاحَ مَســاءَ

يـا وَيْحَـهم! نصبـوا مَنـارًا مــــن دمٍ
تُوحِـــي إِلـى جــيــل الغـــدِ البَغْضـاءَ

مـا ضـرَّ لـو جَـعلوا العَلاقَة في غــــدٍ
بيـــن الشــعــوب مَــــوَدَّةً وإِخــــاءَ؟

جُـرْحٌ يَصيـحُ عـلى المدَى, وضَحِيَّةٌ
تـــتـــلمَّــسُ الحـــريَّـــــةَ الحــــمراءَ

يأَيُّهــا الســيفُ المجــرَّدُ بـالــــــــفَلا 
يكسـو السـيوفَ عـلى الزمان مَضاءَ

تلــك الصحـارى غِمْـدُ كـلِّ مُهَــــــنِّـدٍ 
أَبْــــلَى فأَحســنَ فـي العــــدوِّ بَــــلاءَ

وقبــورُ مَـوْتَى مـن شـبابِ أُمَـــــــيَّـةٍ
وكــهــولِـهـم لــم يبـْرَحُــــوا أَحيـــاءَ

لــو لاذَ بــالجوزاءِ منهـم معـــــــقِـل 
دخــــلوا عــلى أَبــراجِــهـا الجـوزاءَ

فتحــوا الشَّــمالَ: سُـهولَهُ وجـــبالَـهُ
وتوغَّـلــوا, فاســتعمروا الخـــضراءَ

وبَنَــوْا حضـارتَهم, فطَـاوَلَ ركــــنُهـا
دَارَ الســــلامِ, و(جِــلَّقَ) الشَّـــــــمّاءَ

خُـيِّرْتَ فـاخْتَرْتَ المبيـتَ على الطَّوَى
لـــم تَبْــــنِ جــاهًــــا, أَو تَلُـــمَّ ثَــراءَ

إِنَّ البطولــةَ أَن تمـوتَ مـن الــــظَّمـا
لــيس البطولـــةُ أَن تَعُــــبَّ المـــــاءَ

إِفريقِيــا مَهْــدُ الأُســودِ ولَـــــــحْدُهـا
ضــجَّــــتْ عليــكَ أَراجـــلاً ونســــاءَ

والمسـلمون عـلى اخـتلافِ ديــــــارِهم
لا يملِــكـون مـــعَ الـمُصَــابِ عَــــــزاءَ

والجاهليــةُ مــن وَراءِ قُـــــــــبــورِهم
يبــكــون زَيْــــدَ الخــيل والفَلْــــحـــاءَ

فــي ذِمَّــة اللـهِ الكـريمِ وحفــــــــظِـه
جَسَــدٌ (ببـــرْقة) وُسِّــــدَ الصحــراءَ

لـم تُبْـقِ منـه رَحَـى الوقـائِع أَعـــظُمًا
تَبْــــلَى, ولــم تُبْـــقِ الرِّمـاحُ دِمـــاءَ

كَرُفــاتِ نَسْــرٍ أَو بَقِيَّــةِ ضَيْــــــــغَـمٍ
باتـــــا وراءَ السَّـــافيــاتِ هَـــبـــــاءَ

بطـلُ البَـداوةِ لـم يكـن يَــــــغْـزو على
تنْكٍ ولــم يَـــكُ يـركبُ الأَجــــــــــواءَ

لكــنْ أَخـو خَـيْلٍ حَـمَى صَـــــهَواتِهـا
وأَدَارَ مـــــن أَعــرافــهــا الهيجــــاءَ

لَبَّــى قضـاءَ الأَرضِ أَمِس بمُهْـــجَـةٍ
لـــم تخْــــشَ إِلاَّ للســــماءِ قَضــــاءَ

وافــاهُ مَرْفــوعَ الجــبـــــــــينِ كأَنــه
سُــقْـراطُ جَــــرَّ إِلــى القُضـــاةِ رِداءَ

شَــيْخٌ تَمــالَكَ سِــنَّهُ لـم ينفــــــــجـرْ
كـالطفل مـــن خـوفِ العِقـابِ بُكــــاءَ

وأَخــو أُمـورٍ عـاشَ فـي سَـــــــرَّائها
فتغــــــــيَّرَتْ فتــــــوقَّع الضَّــــــراءَ

الأُسْـدُ تـزأَرُ فـي الحـديدِ ولــــن ترى
في السِّجنِ ضِرْغامًـا بكى اسْتِخْــذاءَ

وأَتــى الأَسـيرُ يَجُـرُّ ثِقْـلَ حَـــــــديدِهِ
أَسَـــــدٌ يُجَـــــرِّرُ حَيَّــةً رَقْطــــــــــاءَ

عَضَّــتْ بسـاقَيْهِ القُيـودُ فــــــلـم يَنُـؤْ
ومَشَــــتْ بهَيْكلــه السّــنون فنـــــاءَ

تِسْـعُونَ لـو رَكِـبَتْ مَنـاكِبَ شــــاهقٍ
لترجَّــــــــلَتْ هَضَباتُـــه إِعيــــــــــاءَ

خَـفِيَتْ عـن القـاضي, وفات نَصِيبُها
مــن رِفْــق جُــــــنْدٍ قـــادةً نُبَـــــــلاءَ

والسِّـنُّ تَعْصِـفُ كُـلَّ قَلْـبِ مُـــــهَـذَّبٍ
َــرَفَ الجُـــــــدودَ, وأَدرَكَ الآبــــــاءَ

دفعــوا إِلـى الجـلاَّدِ أَغـــــلَـبَ مـاجدًا
يأْسُـــو الجِــــراحَ, ويُطلِق الأُسَــراءَ

ويُشــاطرُ الأَقــرانَ ذُخْـرَ سِـــــــلاحِهِ
ويَصُــــفُّ حَــوْلَ خِوانِــــه الأَعـــداءَ

وتخــيَّروا الحــبلَ المَهيــنَ مَنـــــــيّـةً
للَّيْــثِ يلفِــــــظ حَوْلَــهُ الحَوْبــــــــاءَ

حَـرموا الممـاتَ عـلى الصَّوارِم والقَنا
مَـنْ كــــان يُعْطِــي الطَّعْنَـةَ النَّجْــلاءَ

إِنـي رأَيـتُ يَـدَ الحضـارةِ أُولِــــــعَـتْ
بـــالـــحقِّ هــَدْمــا تــارةً وبِنـــــــــاءَ

شـرَعَتْ حُـقوقَ النـاسِ فـي أَوطانِهم
إِلاَّ أُبــــــاةَ الضَّيْـــــمِ والضُّعَفــــــــاءَ

يــا أَيُّهَـا الشـعبُ القـريبُ, أَسـامعٌ 
فـأَصـــوغَ فـي عُمَـــرَ الشَّـهِيدِ رِثاءَ؟

أَم أَلْجَـمَتْ فـاكَ الخُـطوبُ وحَـرَّمت
أُذنَيْــكَ حــــينَ تُخــاطِبُ الإِصْغــــاءَ؟

ذهــب الـزعيمُ وأَنـتَ بـاقٍ خــــــــالدٌ 
فــانقُد رِجـــالَك, واخْـــتَرِ الزُّعَمـــاءَ

وأَرِحْ شـيوخَكَ مـن تكـاليفِ الـوَغَى
واحْــــمِلْ عــلى فِتْــيـانِكَ الأَعْبــــــاءَ

Post a Comment

(مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)

ليبيا لليبيين يسقط الاحتلال التركي

مساحة إعلانية

اذكر الله

يمكنك مشاركة الموضوع على الواتساب من هاتفك المحمول فقط

اكتب كلمة البحث واضغط إنتري