كلام كبير ياعمري
حين يتعلق الأمر بالتغيير على مستوى المؤسسة فإن التعرض للفشل يطغى على إحراز النجاح.
ففى استبيان أجرته مؤسسة ماكنزي للأبحاث وشارك فيه أكثر من 3000 مدير
تنفيذي بخصوص تحقيق النجاح فى إجراءات التغيير على مستوى المؤسسات تبين أن معدل الفشل يتجاوز 60%، كما قامت مجلة هارفارد بزنس ريفيو بدراسة تشير إلى أن
أكثر من 70% من عمليات التحول الموسساتي قد منيت بالفشل.
ويبدو أن النمط فى غاية الوضوح، فالقادة المثابرون يخصصون عادة مصادر ضخمة من أجل التخطيط المثالى لإدارة التغيير فى مؤسساتهم. لكن ومن أجل زيادة فرص
النجاح فإني أقترح بناء على ما لدي من خبرات وتجارب بأن المكان الذي يجب على القادة البدء منه في عملية التغيير ليس المؤسسة، وإنما أنفسهم.
قد يتفق معظم القادة على أن التحول الشخصى حجر أساس في أي عملية تغيير ناجحة. ولكن المؤسف هو أن العديد من القادة يرغبون في تحقيق التحول المطلوب بسرعة غير واقعية مع بذل الحد الأدنى من الجهد، وأن يمس هذا التغيير كل شيء إلا أنفسهم. وكما يقول مانفريد كيتس فى كتابه عن القائد الكسول (Couch the on Leader The):
"إن الكثير من المؤسسات حول العالم تعج بالناس الذين لا يمتلكون القدرة على ملاحظة أنماط السلوك المتكررة التي اعتراها الخلل". وهذا إنما يدل على نقص شائع بالوعي الذاتى على مستوى القيادة،
وهو أمر تترتب عليه عواقب وخيمة. وقد وجدت إحدى الدراسات أن فرق العمل التى لديها مستوى متدن من الوعي بالذات تنخفض فيها مستوى الفاعلية إلى النصف مقارنة بفرق العمل التى تتمتع بوعى ذاتي ولاسيما عند العمل على العمليات المتعلقة بصنع القرار والتنسيق وإدارة النزاعات.
ففى أوقات التغيير المزعزع تتضخم كافة أنواع المشاعر: كالخوف من خسارة السيطرة أو السلطة أو الخوف من الفشل. وفي المقابل يميل القادة إلى الاستجابة غير الواعية لهذه المشاعر عن طريق سلوكيات تكشف الصعوبة التي يواجهونها هم أنفسهم في التاقلم مع ذلك التغيير الذي يبحثون عنه.
لقد عملت مرة مع رئيس تنفيذي جرى تعيينه مؤخرا في إحدى الشركات وكان يشرف على عملية تجديد شاملة فى الشركة بينما كان يعاني هو على المستوى الشخصي من ضعف القدرة على اتخاذ القرار.
ويعرف عن هذه الشركة أن فيها شيوع التلكو وقلة الفعالية فيها وذلك لأن القرار كان بشكل كبير بيد الإدارة العليا. فقام هذا الرجل بإعادة تنظيم
الشركة لكى يخلق ثقافة تكون فيها حقوق اتخاذ القرار موزعة بشكل مناسب أكثر بين أولئك الأدنى مكانة على السلم التنظيمي في الشركة ولكنهم أكثر مقدرة على حل المشاكل
وتوجيه المصادر.
وهذا ما ترك أكثر القرارات إستراتيجية تعود إليه وإلى فريق عمله. ولكنه كان يجد صعوبة بالغة في التوصل مع فريقه إلى قرارات حاسة بخصوص
قضايا حساسة، وهي قرارات تعتمد عليها بقية الشركة لتنفيذ القرارات اللاحقة التى لهم القدرة الآن على اتخاذها. ويبدو أن الرئيس التنفيذي في هذه الحالة يقع في ذات المشكلة
التي كان يسعى لحلها.
ولكن حين نبحث في جذور هذا السلوك غير الفعال لدى هذا القائد فإننا نبحث هنا عما نسميه "السردية المحفزة"، أي تلك "النغمة" التى تدور في ذهنه على مستوى اللاوعى
والتي تحرك ذلك السلوك غير المرغوب فيه. وليس من المستغرب أن نعرف أن ما يكمن وراء سلوك هذا الرئيس التنفيذي صاحب الانجازات الكبيرة هو الهوس فى تحقيق
الكمال. هذا الهوس يظهر على شكل لازمة تتردد في رأسه: الو أخطأت في هذا فسيقع عليك اللوم كله". فخوفه من ارتكاب الخطا وتحمل مستويات عالية من المسؤولية عن
الفشل الحاصل قد حرمه من الاستفادة من ذكائه اللامع للنظر فى الخيارات والبيانات المتوفرة لديه والمقارنة بينها وأن يستعين بأراء القادة أصحاب الكفاءة من حوله وأن
يتو صل لاتخاذ القرار الأنسب.
حين يتعلق الأمر بالتغيير على مستوى المؤسسة فإن التعرض للفشل يطغى على إحراز النجاح.
ففى استبيان أجرته مؤسسة ماكنزي للأبحاث وشارك فيه أكثر من 3000 مدير
تنفيذي بخصوص تحقيق النجاح فى إجراءات التغيير على مستوى المؤسسات تبين أن معدل الفشل يتجاوز 60%، كما قامت مجلة هارفارد بزنس ريفيو بدراسة تشير إلى أن
أكثر من 70% من عمليات التحول الموسساتي قد منيت بالفشل.
ويبدو أن النمط فى غاية الوضوح، فالقادة المثابرون يخصصون عادة مصادر ضخمة من أجل التخطيط المثالى لإدارة التغيير فى مؤسساتهم. لكن ومن أجل زيادة فرص
النجاح فإني أقترح بناء على ما لدي من خبرات وتجارب بأن المكان الذي يجب على القادة البدء منه في عملية التغيير ليس المؤسسة، وإنما أنفسهم.
قد يتفق معظم القادة على أن التحول الشخصى حجر أساس في أي عملية تغيير ناجحة. ولكن المؤسف هو أن العديد من القادة يرغبون في تحقيق التحول المطلوب بسرعة غير واقعية مع بذل الحد الأدنى من الجهد، وأن يمس هذا التغيير كل شيء إلا أنفسهم. وكما يقول مانفريد كيتس فى كتابه عن القائد الكسول (Couch the on Leader The):
"إن الكثير من المؤسسات حول العالم تعج بالناس الذين لا يمتلكون القدرة على ملاحظة أنماط السلوك المتكررة التي اعتراها الخلل". وهذا إنما يدل على نقص شائع بالوعي الذاتى على مستوى القيادة،
وهو أمر تترتب عليه عواقب وخيمة. وقد وجدت إحدى الدراسات أن فرق العمل التى لديها مستوى متدن من الوعي بالذات تنخفض فيها مستوى الفاعلية إلى النصف مقارنة بفرق العمل التى تتمتع بوعى ذاتي ولاسيما عند العمل على العمليات المتعلقة بصنع القرار والتنسيق وإدارة النزاعات.
ففى أوقات التغيير المزعزع تتضخم كافة أنواع المشاعر: كالخوف من خسارة السيطرة أو السلطة أو الخوف من الفشل. وفي المقابل يميل القادة إلى الاستجابة غير الواعية لهذه المشاعر عن طريق سلوكيات تكشف الصعوبة التي يواجهونها هم أنفسهم في التاقلم مع ذلك التغيير الذي يبحثون عنه.
لقد عملت مرة مع رئيس تنفيذي جرى تعيينه مؤخرا في إحدى الشركات وكان يشرف على عملية تجديد شاملة فى الشركة بينما كان يعاني هو على المستوى الشخصي من ضعف القدرة على اتخاذ القرار.
ويعرف عن هذه الشركة أن فيها شيوع التلكو وقلة الفعالية فيها وذلك لأن القرار كان بشكل كبير بيد الإدارة العليا. فقام هذا الرجل بإعادة تنظيم
الشركة لكى يخلق ثقافة تكون فيها حقوق اتخاذ القرار موزعة بشكل مناسب أكثر بين أولئك الأدنى مكانة على السلم التنظيمي في الشركة ولكنهم أكثر مقدرة على حل المشاكل
وتوجيه المصادر.
وهذا ما ترك أكثر القرارات إستراتيجية تعود إليه وإلى فريق عمله. ولكنه كان يجد صعوبة بالغة في التوصل مع فريقه إلى قرارات حاسة بخصوص
قضايا حساسة، وهي قرارات تعتمد عليها بقية الشركة لتنفيذ القرارات اللاحقة التى لهم القدرة الآن على اتخاذها. ويبدو أن الرئيس التنفيذي في هذه الحالة يقع في ذات المشكلة
التي كان يسعى لحلها.
ولكن حين نبحث في جذور هذا السلوك غير الفعال لدى هذا القائد فإننا نبحث هنا عما نسميه "السردية المحفزة"، أي تلك "النغمة" التى تدور في ذهنه على مستوى اللاوعى
والتي تحرك ذلك السلوك غير المرغوب فيه. وليس من المستغرب أن نعرف أن ما يكمن وراء سلوك هذا الرئيس التنفيذي صاحب الانجازات الكبيرة هو الهوس فى تحقيق
الكمال. هذا الهوس يظهر على شكل لازمة تتردد في رأسه: الو أخطأت في هذا فسيقع عليك اللوم كله". فخوفه من ارتكاب الخطا وتحمل مستويات عالية من المسؤولية عن
الفشل الحاصل قد حرمه من الاستفادة من ذكائه اللامع للنظر فى الخيارات والبيانات المتوفرة لديه والمقارنة بينها وأن يستعين بأراء القادة أصحاب الكفاءة من حوله وأن
يتو صل لاتخاذ القرار الأنسب.
ولكى يحقق المدراء التنفيذيون النجاح فى إدارة عمليات التحول فى الشركة، فإن عليهم أن يبدؤوا بأنفسهم أولا. ونقطة البداية فى هذا هي تحديد وإعادة تشكيل تلك "السرديات
المحفزة" التى قد تدفع نحو سلوك غير مجد. وفيما يلي بيان للخطوات المبدئية الهامة للشروع فى ذلك.
حدد مصدر التأثير
أحد أنماط السلوك الذي يبقينا عالقين فى هذه الحلقة هو ذلك الذي يتمثل فيما يعرف بارتكاس الانقال "transference" والذي يحدث حين ننفل مشاعرنا نحو شخص اخر.
وفي لحظة الانقال فإن ما يشكل سلوك المدير ويحفز عليه هو التجارب السابقة لا ما يجري في الحاضر بالضرورة.
وقد أدركت إحدى العميلات بعد شروعها فى عملية تجديد أحد الأقسام المتهاوية فى الشركة أن عدم قدرتها على الصبر كان يجعل الأداء أسوأ كما أنه كان يضعف
الثقة في
المستقبل. ثم اكتشفنا لاحقا أن قلة صبرها هذه قد كانت عرضا يدل على قضايا أعمق. فحين كان يسألها أحدهم للاستيضاح بشأن هذا التغيير فإنها كانت تفسر هذه الاستفسارات
على أنها معارضة لرؤيتها أو تشكيك سلبي عدواني في قدراتها. ولكن الأمر لم يكن كذلك، وما حصل هو أن إجاباتها الغاضبة قد خلقت بالفعل ما كانت تخشاه من معارضة
وسلوك سلبي عدواني.
لقد كانت هذه المديرة في حاجة إلى تقبل أسئلة الآخرين والتعامل معها كفرصة لضمان التزامهم وتعزيزه بدل النظر إليها على أنها هجوم شخصي على رؤيتها وقيادتها. لكن لو
نظرنا إلى مسيرة عمل هذه المديرة فسيظهر لنا أنها مرت بظروف طويلة اضطرت فيها من غير داع إلى إثبات نفسها وتلقى انتقادات غير منصفة والشعور بأن قدراتها مل
شك لدى أولئك الذين كانت تحتاج إلى تأييدهم. وهكذا فإن كل سؤال من قبل فريق العمل كان يدفع على إنقال المشاعر السلبية من الماضى، وقد فاقم من ذلك وجود حالة طبيعية
من القلق أثناء قيادة عملية تغيير تتضمن مخاطر عالية.
إن الخروج من حلقة هذه الإسقاطات التى تنقل التجارب الماضية إلى الحاضر يبدأ فى التفكر الذاتى على مستوى عميق، وعليك أن تكون صريحا حد القسوة بشأن الأشخاص
أو اشياء التى تثير ها.
أعد كتابة سرديتك
إن تحديد المواقف أو الأشخاص الذين يستدعون السلوك السلبى لديك غير كاف لإدراك التغيير. فالعديد من القادة قد يتحدثون بتبجح أحيانا عن النقاط التى تستفزهم، فتسمع
أحدهم يقول: "يا إلهى، هذا الشخص يثير أعصابي كلما كنت معه" أو "ليست لدي مشكلة في عرض أي أمر أمام أي شخص في الشركة، أما حين يأتي الأمر عند هذا المر أة،
فقد يصيبني الأرق لأسبوع بطوله". ولكنهم مع ذلك لا يستطيعون سبر السردية التي تفسر السبب الذي يستفزهم ويدفعهم نحو ذلك السلوك السلبي.
إن التحول المستدام على المستوى الشخصى يتطلب مواجهة تلك "القصص" التي تدور في رأسك والتى تدفعك باتجاه اعترافات يائسة من قبيل: "ما هذا الشىء العجيب الذي
يدفعني للاستمرار في فعل هذا؟". ولكن تذكر أن تصريحك بأنك تقوم بأمور لا يجدر بك القيام بها لا يندرج تحت الوعي بالذات، فهذا ليس إلا اعتراف بأنه قد قيل لك إن سلوكا
ما مقلق للآخرين وأنك تتمنى لو أنك لم تقم به. أما الوعي الحقيقي بالذات فيتطلب منك أن تبحث بشكل أعمق كي تكشف اللثام عن السبب الحقيقي الذي يدفعك للاستمرار في فعل ذلك وبذل الجهد بعد ذلك كى تكف عنه.
إن الثمرة الحقيقية لمواجهة التحديات المتعلقة بقيادة عملية التغيير هو أنها ستكشف عن هذه السرديات وتجعل الكشف عنها أسهل. فعلى القائد أن يصغي بحذر للطريقة التي يتم
التعبير من خلالها عن ضغوطات التغيير. يمكن على سبيل المثال أن يسأل القائد الذين قد يكون عرضة للوقوع في تصرف سلبي حين تفرض عليه بعض القيود: "لماذا طلبوا
مني أن أتولى القيادة وهم لا يفعلون شيئا سوى وضع العراقيل فى طريقى فى كل موقف؟" ولكن النفور الدائم من القيود حتى لو كانت منطقية قد يكون له سردية تفسره، كأن يحدث هذا الشخص ذاته ويقول: "إن هؤلاء الذين يطلبون مني أداء بعض الأمور لهم يسعون إلى إفشالي" أو "إنهم يشككون دوما في حكمي" (وهذه هي تفسيرات فعلية كشفنا عنها أثناء العمل مع بعض المدراء التنفيذيين الذين كانوا يواجهون صعوبات في تنفيذ التغييرات التى كانوا يتولون مسؤولية إدارتها).
ومن السهم كتابة هذه التفسيرات على ورقة لأن ذلك يشكل تقبلا واعيا لضغط أبعد عمقا مسؤول عن تشكيل السلوك. وهذا أمر يتطلب الشجاعة والتواضع والقدرة على تحد أنماط السلوك المتكررة أثناء العمليات التى تشتمل على التغيير. فحين يحدد القائد هذه السردية عن طريق كتابتها ويحدد الاجابة عن سؤاله "ما الذي يدفعني للاستمرار بهذا العمل؟" فانه بذلك يكون قد أحرز تقدما كبيرا بإعادة كتابتها.
إن مقدرة القائد على تحقيق التغيير في المؤسسة يعتمد على قدرته على تحقيق التغيير في نفسه أولا. وإن القبول بذلك سيفضي إلى تحول على أسس الطريقة المتبعة في القيادة.
وجدير بالذكر هنا أن هذا التأمل الواعى عملية مستمرة، إذ يجب على القائد أن يحرص باستمرار على أخذ الملاحظات وتحديد أنماط السلوك وتصحيح المسار. كما يلزم القائد
أن يسعى للحصول على الآراء من الآخرين، ويتعرف إلى الأثر الذي تركه سلوكه على من هم حوله ومقدار التوافق القائم بين أفعاله ومقاصده.
من الجدير بالقائد أن يبدأ مشوار التحول بتقبل حقيقة أن مؤسسته التى يديرها ستغير فيه بقدر ما سيغير فيها. وكلما عرف القائد كيف ستكون ردة فعله أثناء عملية التغيير فإنه
سيكون أكثر استعدادا لتقبل التغيير الحقيقى فى نفسه وفى الآخرين وفي المؤسسة.
إرسال تعليق
(مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)