العهد
كان عليه أن يرحل
بحثاً عن عمل يضمن له مهر حبيبته .. لذا قرر الرحيل .. ساعة الوداع كانت ساعة
مؤلمة.. عليه أن يودِّع الجميع ... كلَّ من في
النجع .. أباه .. أمه .. أغنامه .. أصدقاءه .. لكن كل ذلك كان أقلَّ
تأثيراً من وداع حبيبته .. عليه أن يودِّعها وأن يعطيها العهد بالعودة بالمهر ،
وأن يحافظ على حبِّها طيلة
مدة الغربة .
مدة الغربة .
... البئر كان محطة الوداع الأخيرة .. اقترب منها واقتربت
منه ، أمسك بيدها .. تمتم بكلمات .. دموعها وأنين قلبها تخنق كلماتها .. حاولت الكلام مرة .. مرتين .. بادرها بالقول : سأعود ... سأعود بالمهر وثمن البيت .. سأعود .. لك العهد .. سأعود .
منه ، أمسك بيدها .. تمتم بكلمات .. دموعها وأنين قلبها تخنق كلماتها .. حاولت الكلام مرة .. مرتين .. بادرها بالقول : سأعود ... سأعود بالمهر وثمن البيت .. سأعود .. لك العهد .. سأعود .
لملمت الحروف وبأنين قالت :
غلاك ما تخاف عليه
ستين تامجه بارماتبه[1]
وكل تامجه ميتين
وفيها ثلاثين طبّجى[2]
وكلّ طِبّجي بِمْرَايَاتْ يعاين علي قيس العدو
ودَّعها ورحل .. بحث عن العمل
.. غاب لسنوات .. رجع بالمهر .. الكلُّ كانوا في استقباله .. لكنَّه بدا
غير مهتم بهم ... يردُّ على ترحيبهم وعيناه تبحثان عن من يحمل إليها الأشواق
والمهر ولواعج الحب .. نظر إلى البيوت المنتشرة بأطراف النجع .. بحث عنها مع
الفتيات اللواتي في مثل سنها .. مع العجائز التي تنتظر هداياهن .. مع الأطفال ..
فلم يجدها ... اقترب من أحد أصدقائه سأله بهمس : أين ؟.. أين هي ؟ ... ردَّ عليه
صاحبه قبل أن يكمل السؤال : لقد تزوجت ... نعم تزوجت وبأمروالدها ... تزوجها ابن
عمها .
بالرغم من حفاوة الاستقبال .. إلاَّ أنه لم يكترث كثيراً بطقوس
النجع في الاحتفاء بالعائدين .. تذكر كلامها يوم الوداع ... تذكره كلمة .. كلمة
... حرفاً حرفاً ثمَّ أنشد:
غلاي وين غير عليه
حتى تويمجه ما ديَّرت .
إرسال تعليق
(مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)