حكاية عن "الدار" من التراث الليبي
للاعلان

مُدَوَّنَةُ الْمُهَنْدِسِ نَبِيلَ دَخِيلَ الْحَاسِّيِّ تُرَحِّبُ بِضُيُوفِهَا الْكِرَامِ اهلآ وسهلآ بِكَمْ جميعآ اتمنى لَكُمْ قَضَاءُ وَقْتِ مُمْتِعٍ

حكاية عن "الدار" من التراث الليبي


 الدار
 شحَّت المراعي من الماء و الكلأ  ، وأصبح من المحتَّم البحث عن مراعي جديدة ... النجع يقطن به شيخ متقدم في السن وأولاده ، وهم عماد الأسرة ومتزوجون جميعاً .
في المساء وعلى الكانون حيث إبريق الشاي على النار  تنهَّد الابن الكبير وقال : اليوم أغنامنا لا تشبع ، والمياه قليلة .. سنضطر للرحيل والبحث عن ديار جديدة .
 قال الوالد الذي يتخذ من الجابر متكَّأً له بعد أن أصلح من جلسته : أذهب أنت واحد إخوتك للبحث عن مراعي أخرى وآبار للمياه .. على أن تستأذنوا من أهلها و تتعرفوا عليهم  فـ ( الجار قبل الدار ).
ذهب الروادة [1] وجالوا في الأرض بحثاً عن المراعي ، كانوا كل يوم ينزلون ضيوفاً على نجع من النجوع .. وبعد عناء رحلة طويلة وجدوا الماء والكلأ والجيران الأخيار الذين رحَّبوا بهم .
رجعوا إلى أهلهم فرحين سالمين غانمين وجهزوا أنفسهم للرحيل .
 انطلق الرعاة ـ أولاً ـ بقطعانهم ، ومن ثمَّ أنزلت البيوت ووضعت فوق ظهور الإبل ، وركب الشيخ والنساء والأطفال ظهور الإبل الأخرى وبعض الخيول .
انطلقت القافلة نحو الدار الجديدة ..  وصلوا بعد مسير يومين
كاملين ، سير أثناء النهار و راحة باللِّيل .. حطت القافلة ليلاً في شعبة من الشعب القريبة من النجع ، وبنيت البيوت ورتبت على عجل  .. وجهِّزت وجبة العشاء .. وبين الجبّر وضع فراش
والدهم ، والباقون ذهبوا للراحة ، ومنهم من ذهب إلى الرعاة للاطمئنان على سلامتهم وسلامة الأغنام   .
مع خيوط الفجر الأولى نهض الجميع لأداء صلاة الصبح .. والدتهم لم تنم من أنين وتنهدات الشيخ وما أن أحسَّت بأن أبنائها قد استيقضوا حتى نادتهم وقالت لهم : والدكم مريض ، وهو لم ينم البارحة مطلقاً ..
اقتربوا منه .. أنحضر حكيم ؟ .. هل تحتاج شيئاً ؟ .. أتريد عسلاً ؟
أجابهم : لا أريد شيئاً و لستُ مريضاً ..
ـ  ولما لم تنمْ طوال اللِّيل ، وقد كنت تئنَّ على الدوام ..؟ قالت الأم .
قال :
شال طـول ليلـه يجضّ        مابا مرض       جرحه البريان ناوض نقض
شال طول ليله جضيض       يزوم بغيض       نهيته غلبن غلب مابه يريض  
محونن على عهد و أيام بيض    رقيق الغرض      يهاتي بسريب مدعاه فض

وهنا عرف الأبناء السبب ، فقد كانت هذه الدار دارَ أهل أبيهم التي شبَّ فيها ، وطلب يد فتاة من قريباته ، لكنها رفضت الزواج
منه ، مما أجبره على الرحيل ، ومنذ ذلك الحين لم يعد إلى هذه الدار إلا هذه اللِّيلة ، وبعد أن أصبح عاجزاً مريضاً أنهكته السنون والمحن .. فكانت الذكرى سكاكين تنتصب في قلبه وذاكرته ..!؟


1  ـ  الروَّادة : هم الذين يبحثون عن أماكن أخرى تصلح للرعي أو السكن ، وفي الفصحى الرائد من يرسله قومه ليبحث لهم عن أماكن الكلأ والماء ، ومنه " إن الرائد لا يكذب أهله "


إرسال تعليق

(مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)

ليبيا لليبيين يسقط الاحتلال التركي

مساحة إعلانية

اذكر الله

يمكنك مشاركة الموضوع على الواتساب من هاتفك المحمول فقط

اكتب كلمة البحث واضغط إنتري