مواصفات الزوجة
تقول الحكاية :
أخبر أمه بنيَّته الزواجَ على أن تختار له الزوجة المناسبة التي تعيش معها كبنت لها ، الأم بدورها أسعدها الخبر الذي كانت تنتظره منذ فترة ليست بالقصيرة ، لما لا وهو ابنها الوحيد ، ولديهم من المال ما يضمن له القيام بتكاليف العرس ، ويؤمِّن له مستقبلاً طيباً ، الأم أخبرت زوجها فهو صاحب الأمر والنهي والكلمة الفصل في حياة الأسرة ، الأب لم يبدِ أي اعتراض لكنه فكَّر ملياً ثم قال لزوجته : إنه يريد أن يختبر ابنه في مدى معرفته بالنساء ، وكيف يستطيع أن يختار الزوجة المناسبة التي تعينه على نوائب الدهر .
في اليوم الثاني أحضر الوالد كبشاً من أغنامه وطلب من ابنه أن يأخذ الكبش ويبيعه ويصنع من صوفه عباءة ، ويأتي له بمئة جرام من عظامه ، ويأتي بثمنه كاملاً دون نقصان .
عرف الابن قصد أبيه وهو اختبار مقدرته على مجابهة أمور الحياة وتفصيلها ، وتحليل مواقفها من خلال التصرف بالكبش .
أخذ الكبش ورحل ، كان كلما مرَّ بنجع سألوه عن الكبش ، و بأي سعر يبيعه ، فيقول لهم : إنه يريد منه عباءة و مئة جرام من العظام وثمنه كاملاً .. يستغربون طلبه ومن ثمَّ ينصرفون ، وهكذا استمرَّ في رحلته بين النجوع حتى أتى على نجع به فتاة عاقلة تصرِّف
الأمور ، وتفهم خفايا الأحداث ومغزى الأحاديث فقالت له :
الأمور ، وتفهم خفايا الأحداث ومغزى الأحاديث فقالت له :
اترك الكبش عندي واذهب وابحث له عن مشترٍ وفق شروطك ، على أن لا تتنازل عنها أبداًً ..!
ترك الكبش وذهب يبحث عن مشترٍ ، دخل الصحراء ونفد ما معه من ماء وأكل ، وأنهكه الجوُّ الحارُّ ، والطرق الوعرة وكثبان الرمال ، في طريقه لمح من بعيد شجرتين إحداهما عالية وهي الأقرب
إليه ، والأخرى منبسطة على سطح الأرض ، ذهب للعالية على أمل أن يجد بها ما يقتات بـه ، لكنه وجدها يابسة لا ثمار بها ، ولا ظل لها ، ولا ماء بالقرب منها ، ووجد مكتوباً عليها :
إليه ، والأخرى منبسطة على سطح الأرض ، ذهب للعالية على أمل أن يجد بها ما يقتات بـه ، لكنه وجدها يابسة لا ثمار بها ، ولا ظل لها ، ولا ماء بالقرب منها ، ووجد مكتوباً عليها :
مو شهير غير نباك أفعالك عطيبات ما اثمرن
تركها وذهب لتلك التي على ترتفع قليلا عن سطح الأرض بقدر طول قامته فوجد بها تمراً و ماءً فأكل وشرب وحمد الله، و وجد مكتوب عليها :
يسير من مواطي لرض يـا العين ثاريت العلم
بعد راحة في ظل الشجرة قرَّر مواصلة الرحلة ليبحث عن من يشتري الكبش وجد في طريقه وادياً ملئ بالأعشاب والورود ، ووجد ناقتين صغيرتين تأكلان العشب ، وهما بصحة جيدة ، ووجد جملاً نائماً متقدماً في السنِّ ، والناقتين يسيران مسافة منه ويعودان إليه ، اقترب فوجد مكتوباً على الجمل غنَّاوة علم تقول :
جابهن جفــا ليــام علــي عويل مو قيساً الهن
ذهب وجاء على بيت فاقترب وأطلق السلام فخرجت من البيت فتاة جميلة ردَّت عليه السلام وقالت له : تفضل :
قال لها : أين أهل البيت ؟
قالت : أبي ماشي يندم ، وأمي ماشيه تجهل ، وأخي ماش يطلق في ريح على ريح .
استغرب ردَّها ، إذ لم يفهم منه شيئاً ، فطلب منها التوضيح .
قالت : أبي ماشي يحرث الأرض ، إن جت صابة قال ياريتني
كثرت ، وإن جت عطيبه يقول ياريتني ما حرثت .
كثرت ، وإن جت عطيبه يقول ياريتني ما حرثت .
وأمي ماشيه تجهل ، ماشيه تبكي على ميت ، وتندب خدودها
عليه ، وهذا جهل .
عليه ، وهذا جهل .
وأخي ماشي يطلق في ريح علي ريح ، ماشي يصيَّد يطلق في طير على طير.
تركها وذهب يبحث من جديد عن من يشتري كبشه ، وأخذته الأيام والشهور وهو يبحث دون جدوى ، بعد تفكير قرر العودة بالكبش لأبيه ليخبره بعجزه عن بيعه بشروطه .
عاد أدراجه إلى الفتاة التي أخذت الكبش منه ، وصل إليها وأخبرها برحلته وما فيها من حكايات عجيبة غريبة ، أبلغها بنيته بالعودة إلى أهله بعد أن عجز عن بيع الكبش بشروط أبيه فقالت له :
إنَّ العباءة جاهزة ، وهي من صوف الكبش الخالص .
فرح كثيراً لأن أحد الشروط قد توفر ، و لا يزال هناك شرطان .
قالت له الفتاة : اذهب بالكبش إلى السوق وبعه لجزار ، واطلب منه أن يعطيك القرون .
ذهب إلى السوق وباع الكبش للجزار وأحضر ثمنه والقرون وأعطاها للفتاة.
قالت له : أذهب بالعباءة والقرون والمال إلى أبيك وأنظر ماذا يقول لك .
عاد الشاب فرحى سعيداً ، كما فرحت بعودته أمه وأسرته وأهل
النجع .
النجع .
قدَّم لأبيه العباءة والقرون والمال ، فقال له أبيه : كيف كانت رحلتك ؟
أخبره بأمر الفتاة التي صنعت العباءة وأشارت عليه بالكيفية التي يبيع بها الكبش ، كما أخبره بأمر النخلتين ، وما كتب عليهما ، وبأمر الجمل والناقتين والفتاة التي ووجدها في البيت بمفردها .
قال له أبيه :
النخلة العالية هذه هي بنت الشيخ ، فهي ذات صيت وسمعة ولكنها لا تصلح لتكون زوجة في العادة ، وهي مرتبطة بصيت والدها.
والنخلة القريبة من الأرض هي فتاة من عامة الناس ، وسمعتها طيبة فهي كريمة وعاقلة يستظل بها الرجل الذي يتزوَّج منها .
والجمل هو الرجل الكبير الذي يتزوج من فتاتين لماله ، فلا وزن له إلاَّ ما يملك من مال .
والفتاة التي وجدتها في البيت بمفردها هي فتاة لا تستر زوجها ، ولا تحفظ أسراره ، ولا تصون سمعته ، أما الفتاة التي صنعت العباءة فهي زوجتك فهي تجيد التدبير وتصنع من اللا شيء شيئاً .
إرسال تعليق
(مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)